منتدى شباب برمبال القديمة والرياض | Shabab Bermbal & Elriad |
| | | | عِبْرَةٌ وعِبْرَة قصة قصيرة بقلم .د. محمد طه عبد الخالق | |
| كاتب الموضوع | محتوى الموضوع |
---|
| موضوع: عِبْرَةٌ وعِبْرَة قصة قصيرة بقلم .د. محمد طه عبد الخالق الثلاثاء مارس 16, 2010 5:33 pm |
| عِبْــرَةٌ وعَبْــرَة ( قصَّة قصيرَة ) د. مُحمَّد طَه عَبد الخَالِق فى يومٍ من أيَّام الشِّتاء القارصة فى إحدى المُدن الرِّيفيَّة الصَّغيرة طلب منه والده أن يذهب ليستدعى له زوج عمَّته ليُحدِّثه فى أمرٍ مُهمٍّ .. كان فى أوائل العَقْد الثَّانى من عمره وكان يفصل بيت زوج العمَّة عن بيته مسافة كيلو متر تقريبا , اعتمد الطِّفل الصَّغير على الله – سبحانه وتعالى – انطلق فى طريقه ولبس حذاء المطر فقد كان الجو غائما , لكنَّه مضى على الرَّغم من برودة الجو وهطول بعض الأمطار الخفيفة , وعندما أوشك الطَّريق أن ينقضى , تفصله زُهاء ثلاثمائة متر عن نهايته , وجد بعض أصحابه من كل حارات القريَّة اجتمعوا واقفين فوق سطح أحد المبانى الحكوميَّة المُتهالكة يرمون بأنفسهم من فوقه على القش الموجود على الأرض , فقد كانوا فى موسم الحصاد و ناهيك عنه موسما للعب واللهو فى القرية . فعزَّ عليه أن يراهم يلعبون وهو لا يلعب مثلهم – فهو ما زال بعد طفلا صغيرا – فهفت نفسه أن يشاركهم ما يفعلون ولكنَّه تذكَّر رسالة والده فتحيَّر , غير أنَّ منظر أترابه وهم يقفزون من أعلى المبنى أغراه , فقال لنفسه : اِقفِز مرة واحدة فقط كما يفعل أصحابك حتى لا تُضيَّع هذه الفُرصة و تكون خارج حكاياتهم فى اليوم التَّالى بالمدرسة , فيتيهون عليك بأنك لم تحظ بمشاركتهم اللعب , وهنا قرَّر أن يغامر مرة , بعدها يذهب لغايته . صعد سطح المبنى متسلقا المواسير الخلفيَّة التى تآكلت بفعل الزَّمن . ها هو يقف فوق السَّطح مُنتشيا , استعد للمهمة .. قفز قفزةً رائعة . كان القشُّ عاليا .. استقرَّ فى مُنتصفه تماما فأحسَّ بالفخر لإنجازه هذه القفزة , فرجع ثانية إلى المواسير وصعد السَّطح وقفز , وكُلَّما فعل تملَّكته الرَّغبة لتكرار المحاولة مرة بعد مرة .. تعدَّدت قفزاته مع أصحابه وبعد مرور ساعة تذكر رسالة والده فقرر الذِّهاب امتثالا لأمره ! أخذ حذاءه الذى احتفظ به في بيت أحد أصدقائه حتى لا يفقده .. سلك الطَّريق المُؤدِّى لبيت زوج عمَّته , قبل أن يصل إليه لاحت مجموعة أخرى من أصحابه يلعبون على كومة من قش أخرى .. ناداه أحدهم طالبا منه أن يشاركهم اللعب .. لم يسعه أن يرد رغبته فى اللعب وفى الاستجابة لصديقه الحميم .. لقد كان ينافسهم فى اللعب نفر من الأولاد يُسمُّون أنفسهم " الصَّاعقة " فهم يشعرون بأنهم من أقوى أولاد الحارة . قرر أن يقف بجانب صديقه , فالصديق لا يخذل صديقه , وبخاصة عند وجود الصَّاعقة ! استبدَّت به نشوة المنافسة فتحمَّس لها .. أخذ يلعب و يلعب .. أَذَّن المغرب ثم رُفِع أَذان العِشاء و ما زال يلعب ولمَّا ينته من لعبه أو حربه مع الصَّاعقة كما يتصوَّر .. ظلَّ مستغرقا فى لهوه , حتى جاء صاحب القش وطردهم فمضوا . هنا انتبه .. غايته التى لم يبلغها . هرول ليأخذ حذاءه .. لم يجده .. الساعة الرقمية الجديدة التى اشتراها له والده منذ يومين..؟!.. هل سقطت فى القش أثناء اللعب وقام الجَرَّار بدرسها مع الأرز ؟! على أيَّة حال فقد تعقَّدت الأمور .. انتابته نوبة حادة من التَّفكير , كيف سيواجه والده وقد أضاع كل شىء : هدفه .. حذاءه .. ساعته .. رضا والده ؟ .ماذا سيقول له ؟ كيف السَّبيل إلى الخروج من هذا المأزق ؟ كأنما أعيته الحيل .. نظر بحدة إلى الأفق الغائم على امتداد البصر .. فجأة لمعت عيناه الضَّيقتان .. مَضَى فى طريق عودته مُسرِعًا .. لعلَّه اهتدى إلى الحل .. فكرة جاءته قبل صعوده الدَّرجات الأولى لِسُلَّم منزله .. كان الأبُّ ينتظره جالسا فى شُرفة المنزل .. هو ذاك .. قرَّر أن يُؤلِّف قصَّة . نعم يُؤلِّف له قصَّة علَّها تُذهب غضب أبيه , وتردُّ عنه عقابا يوشك أن يحلّ به .. وقبل أن تكتمل أحداث القِصَّة فى ذهنه وجد نفسه أمام والده الذى ابتدره بالسُّؤال : لماذا تأخَّرت يا بُنى ؟ أبلَّغت الرسالة لزوج عمَّتك؟ وقبل أن يُجيب سمع صوت زوج العمّة يترامى إلى سمعه من داخل المنزل .. فى تلك اللحظة قرَّر أن يبدأ .. لابدَّ ممَّا ليس منه بُد .. استجمع شتات نفسه .. قال فى نبرة من خذلته الظروف فاكتفى بشرف المحاولة : ذهبت يا والدي كما أمرتنى لأُبلِّغ زوج عمَّتى بما أمرتنى بإبلاغه ولكنِّى عندما بلغت مُنتصف الطَّريق وجدت أُناسًا يستغيثون : الحقنا يا دكتور الحقنا يا دكتور " الست بتولد " , فعندما سمعت هذه الاستغاثة دعانى الواجب لإنقاذها أولا .. انطلقت معهم إلى البيت ووجدت أنَّ المخاض عسير .. كان الطِّفل مقلوبا فلم أستطع أن أتركها إلا بعد أن أكرمها الله وولدت مولودها الأول , ولم يتركنى زوجها أمشى إلا بعد أن يذبح خروفا وآكل منه .. لكننى اعتذرت له وجئت لك يا أبى لأبلغك بما تمَّ علَّك تعذرنى !.. فتبسم ضاحكا من قوله ثم سأله : وأين حذاؤك يا بُنى ؟ فأجابه : لقد نسيته عندهم فقد طلب منِّى زوجها أن يُوصِّلنى فقمت على عجل . فعاجله : وأين ساعتك الرَّقميَّة الجديدة ؟ .. لقد فقدتها أثناء مساعدتى لها فى الولادة فقد ضحيت بالسَّاعة من أجل المولود! وهنا كركرت ضحكة مُدوِّية من والده وقال له : قد أفلت من شِرك لتقع فى آخر : لقد جاء زوج عمتك إلينا قدرا. وها أنت ذا تكشف عن خيال خصب من البدء , فقد اختلقت هذه القصة العجيبة فأخرجتنى من حالة الغضب التى استبدت بى تجاهك بعدما أبلغنى صديقك الحميم – سمير ألعابك - أنَّ ساعتك قد ضاعت وحذاءك – أيضا - , وأنَّك لم تذهب لدار عمَّتك و ما زلت تبحث عن السَّاعة والحذاء !هنا شعر بالخجل .. أراد أن يعتذر لوالده ويعاهده على طاعته .. قبل أن يفعل انفجر صوت مُدوٍّ فى ظلام الليل الكثيف يعلن وفاة أعز أصدقاء أبيه .. فزع الأبّ للصَّوت أذهله الخبر واهتزت مشاعره هرول خارجا من الدَّار .. أخذه فى يديه ثم غابا عن الأنظار .. ولم يكتمل بعد الحوار .د. مُحمَّد طَه عبد الخَالِق وادى الدَّواسِر فى : 12 ربيع الأوَّل 1431 هـ
|
| | | | موضوع: رد: عِبْرَةٌ وعِبْرَة قصة قصيرة بقلم .د. محمد طه عبد الخالق الثلاثاء مارس 16, 2010 9:13 pm |
| استاذنا الفاضل دكتور محمد طه عبد الخالق ،، قصة رائعه وممتعه الى ابعد الحدود كيف نقيم هذا الابداع وانت اهل لكل ابداع مهما حاولنا ان نكتب فلانعطيك حقك بجد اخذتنى تلك السطور فى عالم الخيال وتذكرت موقف مشابه لى تماما ولكن موقفى على عكس هذا الموقف فهذا الطفل تخلص مما هو فيه من احراج بكذبه خفيفه اخرجته مما كان هو فيه اما موقفى انا فاتنهى بعلقة محترمه من والدى فى انتظار مقالاتك المتميزه دائما ،، فلاتحرمنا منها
|
| | | | موضوع: رد: عِبْرَةٌ وعِبْرَة قصة قصيرة بقلم .د. محمد طه عبد الخالق الثلاثاء مارس 16, 2010 9:20 pm |
| [](انا افتقدناك حتي لا اصبار لنا وقد غاب قبلك أقواما فما افتقدوا ).الدكتور الكريم والأخ العزيز: من تمام السعادة أن تلتقي بمن تحبوأن تسمع ممن تحب وأن تعيش معه بعض ذكرياته ...نعم من الرائع أن تقرأ نص أدبي متكامل الأركان ,سليم اللغة ,قوي العبارة ؛لكن الأروع أن تقرأ كل ذلك وأن تعلم أن ما تقرأه ما هو الا صفحة من حياة كاتب هذه الكلمات , الذي تعرفه ...هنا تأتي الروعة في أن تعيش بخيالك مع الكلمات (المغامرة مع الصاعقة)تتخيل بطل القصة والذي عرفته كبيرا ،تتخيله صغيرا؛ بريئا؛ مغامرامبدعا من صغره ........*هوامش مع اعجابي الكبير بما سطره استاذي لكن لي بعض الملاحظاتولعلي أكون مخطئ فيها :- العنوان لا أظنه منا سبا (أين العبرة –بفتح العين)...- القصة تتحدث عن طفل ومشاعر طفل لذلك أظن أ ن استخدام لغة أبسط وألفاظ أسهل كان أولي ...*أخيرا:.الأبيات في التوقيع مهداه لكم[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
|
| | | | موضوع: رد: عِبْرَةٌ وعِبْرَة قصة قصيرة بقلم .د. محمد طه عبد الخالق الأربعاء مارس 17, 2010 5:59 am |
| بسم الله
قصة جميلة وممتازة خطتها اناملك يا دكتورنا العزيز بارك الله فيك وجعلك فخرا للاسلام والمسلمين جميعا ونفعنا الله واياكم بعلوم القرأن اللهم امين .
محمد السعيد غنيم دبى / الامارات
|
| | | | موضوع: رد: عِبْرَةٌ وعِبْرَة قصة قصيرة بقلم .د. محمد طه عبد الخالق الأربعاء مارس 17, 2010 6:00 pm |
| السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاتهأما بعدفأتقدم بخالص الشكر لكل من قام بالتعليق على هذه القصة : أولا : الأستاذ إبراهيم نعينع على كلماته الرائعة التى لا أستحقها ثانيا : الأستاذ . محمد صابر على تعليقه المميز وأسئلته الرائعة التى سأجيب عنها الآن – إن شاء الله تعالى - :- تكمن العَبرة (بفتح العين ) فى حزن الطفل الشديد عندما سمع نبأ وفاة أعز أصدقاء أبيه الذى كان يعرفه جيدا فنزلت العبرات من أبيه ومنه , وكذلك فى حالة الحزن التى عمت البيت عند سماع الخبر , ونظرا لحب الطفل للمتوفى فقد اصطحبه والده فى يديه وغابا عن الأنظار .- أما بالنسبة لاستخدام اللغة والألفاظ وبخاصة على لسان الطفل الصغير الذى كان فى العقد الثانى من عمره فهذا من باب الحبكة الفنية للقصة وما أدراك أن هذا الطفل لم يكن يتقن اللغة من صغره فمن الممكن أن يكون حفظ أجزاء من القرآن وهو صغير مما ساعده على أن يتحدث اللغة العربية الفصحى أو من الممكن أن يكون مشاهدا جيدا لبعض برامج الأطفال مثل مازنجر فى تلك الفترة وكذلك النينجا ...إلخ مما ساعده على أن يتقن اللغة . وأخيرا يا حاج محمد جزاكم الله خيرا على هذا التعليق الشيق فقد اشتقنا لأحاديثك الرائعة وتعليقاتك الممتعة وفى انتظار مزيد منهاوشكرا على الأبيات . كما أشكر الأستاذ الأكرم . محمد السعيد غنيم على كلماته الممتعة وجزاكم الله خير الجزاء .وفقكم الله ورعاكم .
|
| | | | موضوع: رد: عِبْرَةٌ وعِبْرَة قصة قصيرة بقلم .د. محمد طه عبد الخالق السبت أبريل 24, 2010 11:25 pm |
| طلب منى أحد الأصدقاء أن أقوم بتكبير حجم الخط الذى كتبت به القصة وله الحق فى ذلك وها أنا أنفذ له طلبه : عِبْــرَةٌ وعَبْــرَة ( قصَّة قصيرَة ) بقلم | د. مُحمَّد طَه عَبد الخَالِق فى يومٍ من أيَّام الشِّتاء القارصة فى إحدى المُدن الرِّيفيَّة الصَّغيرة طلب منه والده أن يذهب ليستدعى له زوج عمَّته ليُحدِّثه فى أمرٍ مُهمٍّ .. كان فى أوائل العَقْد الثَّانى من عمره وكان يفصل بيت زوج العمَّة عن بيته مسافة كيلو متر تقريبا , اعتمد الطِّفل الصَّغير على الله – سبحانه وتعالى – انطلق فى طريقه ولبس حذاء المطر فقد كان الجو غائما , لكنَّه مضى على الرَّغم من برودة الجو وهطول بعض الأمطار الخفيفة , وعندما أوشك الطَّريق أن ينقضى , تفصله زُهاء ثلاثمائة متر عن نهايته , وجد بعض أصحابه من كل حارات القريَّة اجتمعوا واقفين فوق سطح أحد المبانى الحكوميَّة المُتهالكة يرمون بأنفسهم من فوقه على القش الموجود على الأرض , فقد كانوا فى موسم الحصاد و ناهيك عنه موسما للعب واللهو فى القرية . فعزَّ عليه أن يراهم يلعبون وهو لا يلعب مثلهم – فهو ما زال بعد طفلا صغيرا – فهفت نفسه أن يشاركهم ما يفعلون ولكنَّه تذكَّر رسالة والده فتحيَّر , غير أنَّ منظر أترابه وهم يقفزون من أعلى المبنى أغراه , فقال لنفسه : اِقفِز مرة واحدة فقط كما يفعل أصحابك حتى لا تُضيَّع هذه الفُرصة و تكون خارج حكاياتهم فى اليوم التَّالى بالمدرسة , فيتيهون عليك بأنك لم تحظ بمشاركتهم اللعب , وهنا قرَّر أن يغامر مرة , بعدها يذهب لغايته . صعد سطح المبنى متسلقا المواسير الخلفيَّة التى تآكلت بفعل الزَّمن . ها هو يقف فوق السَّطح مُنتشيا , استعد للمهمة .. قفز قفزةً رائعة . كان القشُّ عاليا .. استقرَّ فى مُنتصفه تماما فأحسَّ بالفخر لإنجازه هذه القفزة , فرجع ثانية إلى المواسير وصعد السَّطح وقفز , وكُلَّما فعل تملَّكته الرَّغبة لتكرار المحاولة مرة بعد مرة .. تعدَّدت قفزاته مع أصحابه وبعد مرور ساعة تذكر رسالة والده فقرر الذِّهاب امتثالا لأمره ! أخذ حذاءه الذى احتفظ به في بيت أحد أصدقائه حتى لا يفقده .. سلك الطَّريق المُؤدِّى لبيت زوج عمَّته , قبل أن يصل إليه لاحت مجموعة أخرى من أصحابه يلعبون على كومة من قش أخرى .. ناداه أحدهم طالبا منه أن يشاركهم اللعب .. لم يسعه أن يرد رغبته فى اللعب وفى الاستجابة لصديقه الحميم .. لقد كان ينافسهم فى اللعب نفر من الأولاد يُسمُّون أنفسهم " الصَّاعقة " فهم يشعرون بأنهم من أقوى أولاد الحارة . قرر أن يقف بجانب صديقه , فالصديق لا يخذل صديقه , وبخاصة عند وجود الصَّاعقة ! استبدَّت به نشوة المنافسة فتحمَّس لها .. أخذ يلعب و يلعب .. أَذَّن المغرب ثم رُفِع أَذان العِشاء و ما زال يلعب ولمَّا ينته من لعبه أو حربه مع الصَّاعقة كما يتصوَّر .. ظلَّ مستغرقا فى لهوه , حتى جاء صاحب القش وطردهم فمضوا . هنا انتبه .. غايته التى لم يبلغها . هرول ليأخذ حذاءه .. لم يجده .. الساعة الرقمية الجديدة التى اشتراها له والده منذ يومين..؟!.. هل سقطت فى القش أثناء اللعب وقام الجَرَّار بدرسها مع الأرز ؟! على أيَّة حال فقد تعقَّدت الأمور .. انتابته نوبة حادة من التَّفكير , كيف سيواجه والده وقد أضاع كل شىء : هدفه .. حذاءه .. ساعته .. رضا والده ؟ .ماذا سيقول له ؟ كيف السَّبيل إلى الخروج من هذا المأزق ؟ كأنما أعيته الحيل .. نظر بحدة إلى الأفق الغائم على امتداد البصر .. فجأة لمعت عيناه الضَّيقتان .. مَضَى فى طريق عودته مُسرِعًا .. لعلَّه اهتدى إلى الحل .. فكرة جاءته قبل صعوده الدَّرجات الأولى لِسُلَّم منزله .. كان الأبُّ ينتظره جالسا فى شُرفة المنزل .. هو ذاك .. قرَّر أن يُؤلِّف قصَّة . نعم يُؤلِّف له قصَّة علَّها تُذهب غضب أبيه , وتردُّ عنه عقابا يوشك أن يحلّ به .. وقبل أن تكتمل أحداث القِصَّة فى ذهنه وجد نفسه أمام والده الذى ابتدره بالسُّؤال : لماذا تأخَّرت يا بُنى ؟ أبلَّغت الرسالة لزوج عمَّتك؟ وقبل أن يُجيب سمع صوت زوج العمّة يترامى إلى سمعه من داخل المنزل .. فى تلك اللحظة قرَّر أن يبدأ .. لابدَّ ممَّا ليس منه بُد .. استجمع شتات نفسه .. قال فى نبرة من خذلته الظروف فاكتفى بشرف المحاولة : ذهبت يا والدي كما أمرتنى لأُبلِّغ زوج عمَّتى بما أمرتنى بإبلاغه ولكنِّى عندما بلغت مُنتصف الطَّريق وجدت أُناسًا يستغيثون : الحقنا يا دكتور الحقنا يا دكتور " الست بتولد " , فعندما سمعت هذه الاستغاثة دعانى الواجب لإنقاذها أولا .. انطلقت معهم إلى البيت ووجدت أنَّ المخاض عسير .. كان الطِّفل مقلوبا فلم أستطع أن أتركها إلا بعد أن أكرمها الله وولدت مولودها الأول , ولم يتركنى زوجها أمشى إلا بعد أن يذبح خروفا وآكل منه .. لكننى اعتذرت له وجئت لك يا أبى لأبلغك بما تمَّ علَّك تعذرنى !.. فتبسم ضاحكا من قوله ثم سأله : وأين حذاؤك يا بُنى ؟ فأجابه : لقد نسيته عندهم فقد طلب منِّى زوجها أن يُوصِّلنى فقمت على عجل . فعاجله : وأين ساعتك الرَّقميَّة الجديدة ؟ .. لقد فقدتها أثناء مساعدتى لها فى الولادة فقد ضحيت بالسَّاعة من أجل المولود! وهنا كركرت ضحكة مُدوِّية من والده وقال له : قد أفلت من شِرك لتقع فى آخر : لقد جاء زوج عمتك إلينا قدرا. وها أنت ذا تكشف عن خيال خصب من البدء , فقد اختلقت هذه القصة العجيبة فأخرجتنى من حالة الغضب التى استبدت بى تجاهك بعدما أبلغنى صديقك الحميم – سمير ألعابك - أنَّ ساعتك قد ضاعت وحذاءك – أيضا - , وأنَّك لم تذهب لدار عمَّتك و ما زلت تبحث عن السَّاعة والحذاء !هنا شعر بالخجل .. أراد أن يعتذر لوالده ويعاهده على طاعته .. قبل أن يفعل انفجر صوت مُدوٍّ فى ظلام الليل الكثيف يعلن وفاة أعز أصدقاء أبيه .. فزع الأبّ للصَّوت أذهله الخبر واهتزت مشاعره هرول خارجا من الدَّار .. أخذه فى يديه ثم غابا عن الأنظار .. ولم يكتمل بعد الحوار .د. مُحمَّد طَه عبد الخَالِق وادى الدَّواسِر فى : 12 ربيع الأوَّل 1431 هـ
|
| | | | موضوع: رد: عِبْرَةٌ وعِبْرَة قصة قصيرة بقلم .د. محمد طه عبد الخالق الإثنين أغسطس 30, 2010 12:57 am |
| يسعدني ويشرفني ان ارد علي شئ كتبته يا صديقي العزيز القصة رائعة وقد يكون عشناها جميعا في طفولتنا اريد ان اقرا المزيد من ابداعاتك ... فلا تحرمنا .
|
| | | | عِبْرَةٌ وعِبْرَة قصة قصيرة بقلم .د. محمد طه عبد الخالق | |
| صفحة 1 من اصل 1 | |
| |
| |
| |
| |