القـــــــــبر المفتـــــــــــــــــوح ( قصة قصيرة )

خـــيّــم الظلام على المكان الموحش ، بينما كنت أســــــير متلفتـــا مرتــعشــا ، ودقــات قلبي تزيد من تزاحمها وسرعتها
كان لوحشة المكان أثرها الواضح على أعصابي المذعورة ، وحركات أطرافي المهزوزة ، وأفكاري الحائرة ، ومخاوفي
من المجهول ، وأشباح كثيرة تتحرك في الظلام الذي أسدل على المكان ستائره السوداء .
سمعت فجأ ة نعيق الغربان فوق النخيل ، فزادت مخاوفي أكثر وأكثر ، ثم تلاه نباح كلاب تائهة ، وأحسست أنني في
طريقي إلى المجهول المحتشد بجموع المخاوف والنحيب الذي أتوقعه ، وإن كنت لا أتيقنه ، ففي مثل هذه المشاهد يكون
الفرق بين الخيال والواقع ســـتار رقيق صنعته أشباح هذا المكان ومخاوفه .
مازلت أسير مرتعشا مذعورا وســـط هذه القبـــور الصامتة الناطقة بلغة الدنيا الذاهبة الذائبة ، ومخاوف الآخرة المنذرة المحذرة .
أحسست ببكاء قلبي الموجوع ، وجمود عقلي المخلوع . واتزاني الذي يتلاعب به الخوف المختبئ بين القبور .
ورأيتني أتمتم ببعض آيات أزيح بها ولو جزءا من مخاوفي .. وسرت على مهل أحاول أن يعود إليّ اتزاني ، أو أعود أنا إليه . فجأة سمعت صوتا لشيء يتكسر ، غاص قلبي في صدري وسمعتني أقول : يا ربي أنقذني مما أعانيه .
سمعت الصوت مرة ثانية ، ثم ارتطمت قدمي بشيء صلب ، حاولت أن أتبينه وأنا بين الحياة والموت .. فإذا به فرع
لشجرة جافة كانت في وسط الطريق بين هذه القبور .
همست في نفسي : الحمد لله . وحاولت أن أخرج سريعا من هذا المكان ، لكني فوجئت مرة أخري بصوت آخر أكثر
قوة ، وأشد على نفسي رعبا ، وسمعت صوت حجارة تتساقط فلما التفت إليها وجدتها تتساقط من قبر على يميني .
تساقطت معها كل محاولات السيطرة على نفسي .
سقطت على الأرض بلا وعي وبعد برهة أفقت فإذا بجانبي جثة في كفنها تمد إليّ يدها دون أن تتكلم ، ما هذا ؟!
إنها رسالة . مددت يدي لآخذها وأنا كمن يعاني سكرات الموت، ثم اختفى الميت وعادت الحجارة فأقفلت ما كان مفتوحا من القبر . أما أنا فعدت بالرسالة متهالكا إلى الشارع المضيء وتحت مصباح من مصابيحه فتحت الرسالة التي ظــهر أثر الدماء فيها ، وقرأت كلماتها القليلة بحروفها ، الكثيرة بمعناها :
كنت أتمنى وأنا أجود بروحي مع رفقائي الشهداء أن نكون قد حققنا شــــيئا لمصر ، فإذا بكم تتنازعون وتتفرقون
وتتشاتمون . هل هانت مصر عليكم ؟!
همست في نفسي : نحن لا نعرف قدر بلدنا مصر التي تستحق أن نلتف حولها ... سالت دموعي وأنا أسير عبر الشوارع الصامته عائدا إلى منزلي .. لكني سمعت مرة أخرى صوتا يشبه طرقات على الباب تحركت مذعورا
لكن الطرقات تتزايد .. وفجأة صحوت من نومى ، ذهبت إلى الباب وفتحته ، وإذا بالصحيفة اليومية عنوانها :
المصريون يتناحــــــــــــرون !!

محمود البسيوني ** 30 / 11 / 20012

 

فيكَ من الإبداع ما هو كفيل بإبهارنا دائماً
سرد رائع بطعم خاص هذه المرة من الأطعمة المختلفة للأدب
وهو فن الفانتازيا حيث ببراعة تنتقد الواقع بصوت رقيق
كما هيَّ طباعك
أديبنا الفاضل ، دُمت ودامت روائعكَ

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

 

أقسم بالذى جعل لحبك مكان فى قلبى أننى ومن أول قراءة للثلاثة أسطر الأولى فقط أيقنت أن الرسالة من الغالية مصر بريد مسجل علية طابع خاص لا يفتح ولا يٌفض إلا بمعرفة شاعر مرهف الإحساس ، ثقيلة هى الرسالة لمن يحملها على ظهرة بقوة عضلاتة ، خفيفة مريحة ممتعة شيقة لمن يفتح لها عقلة وقلبة وليس العكس مع وصولى لخاتمة ما سطرت وأبدعت يدكم رٌحت أتساءل : ألسنا أبناء وطن واحد يحتوينا ونذوب فية ؟ أم أننا أبناء بيئتنا التى شكلت معالمنا وقوَت أظافرنا لنمزق فستان مصرالذى غزلتة على مدار السنين تباً لمن ليس فى رأسة عقل ، والخزى والعار لمن يشترى ويفاصل بل ويبخث الثمن الويل لهم من صفحات الكتب يوم تشهد عليهم إن كان التاريخ فى الدنيا أو يوم المشهد العظيم تقبل تحياتى وأجدد إحترامى وشوقى لرؤيتك

 

فاطمة كتب:

فيكَ من الإبداع ما هو كفيل بإبهارنا دائماً
سرد رائع بطعم خاص هذه المرة من الأطعمة المختلفة للأدب
وهو فن الفانتازيا حيث ببراعة تنتقد الواقع بصوت رقيق
كما هيَّ طباعك
أديبنا الفاضل ، دُمت ودامت روائعكَ

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الأستاذة الكريمة / فاطمة

أشكرك على التعليق الذي يعكس شخصيتك الأدبية الناقدة الوطنية وهي صفات قلما تجتمع في إنسان .
وسبق أن قلت وأكرر أنني أحب أن أقرأ الانطباعات على ما أكتب خصوصا ممن يعرفون فنون اللغة .
دمت للمنتدى أيتها الأديبة الناقدة .

 

ما شاء الله كلمات ما اجملها

تحمل من يقراءها الى خيال واسع يطرح

الانسان الى خيال مبهر لا يوصف

سلمت يداك على هذه الاطلالاه الرائعه بل اكثر من رائعه

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

 

استاذي القدير احس ان مصر ام ربتني وكبرت في السن وبالرغم من كبرها أبئها نازلين فيها ضرب محدش راحم سنها فهل من بن بار في هذه الايام

 

ملاك بلا اجنحة كتب:

استاذي القدير احس ان مصر ام ربتني وكبرت في السن وبالرغم من كبرها أبئها نازلين فيها ضرب محدش راحم سنها فهل من بن بار في هذه الايام

عزيزتي / ملاك بلا أجنحة

مصر الآن لا تعرف الاستقرار ، ولا تسود فيها مبادئ .. مصر الآن أم تشكو أحزانها ، وتبكي شهداءها ..
وتخشى مستقبلها .
أدعو جميعا لها .. ولهداية أبنائها .

 

محمد الحداد كتب:

أقسم بالذى جعل لحبك مكان فى قلبى أننى ومن أول قراءة للثلاثة أسطر الأولى فقط أيقنت أن الرسالة من الغالية مصر بريد مسجل علية طابع خاص لا يفتح ولا يٌفض إلا بمعرفة شاعر مرهف الإحساس ، ثقيلة هى الرسالة لمن يحملها على ظهرة بقوة عضلاتة ، خفيفة مريحة ممتعة شيقة لمن يفتح لها عقلة وقلبة وليس العكس مع وصولى لخاتمة ما سطرت وأبدعت يدكم رٌحت أتساءل : ألسنا أبناء وطن واحد يحتوينا ونذوب فية ؟ أم أننا أبناء بيئتنا التى شكلت معالمنا وقوَت أظافرنا لنمزق فستان مصرالذى غزلتة على مدار السنين تباً لمن ليس فى رأسة عقل ، والخزى والعار لمن يشترى ويفاصل بل ويبخث الثمن الويل لهم من صفحات الكتب يوم تشهد عليهم إن كان التاريخ فى الدنيا أو يوم المشهد العظيم تقبل تحياتى وأجدد إحترامى وشوقى لرؤيتك

عزيزي المهندس / محمد الحداد
نعم فأنت إنسان تتذوق ما تقرأه ، وتمتلك حاسة النقد الأدبىّ والقدرة على التحليل ورصد الأحداث ، وهذه حقيقة لمستها
فيك . فكيف إذن لا نعرف الجواب من عنوانه ؟
والله يا عزيزي إنني أحس في هذه الأيام أنني في بلد غير بلدي ، إنها الغربة النفسية التي لم نتعودها من قبل !!!
والسبب في رأيي سوء إدارة الأزمة ، والثقافة الضحلة لبعض المتظاهرين ، ومحاربة القضاء ودهس القانون بالنعال .
لقد أحسست أننا نسير بسرعة إلى هاوية لا يحمد عقباها !!
ندعو الله أن يخرجنا مما نحن فيه .. وأن يؤلف بين قلوبنا .. وأن يجمعنا على قلب رجل واحد .. وأن يعلي من شأن
بلدنا الحبيبة مصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر .

 

[quote="طائر الليل"]ما شاء الله كلمات ما اجملها

تحمل من يقراءها الى خيال واسع يطرح

الانسان الى خيال مبهر لا يوصف

سلمت يداك على هذه الاطلالاه الرائعه بل اكثر من رائعه

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][

/quote]

ا / طائر الليل
شكرا لكلماتك الرقيقة .. وسعيد لمرورك الكريم وتواصلك معنا .

 

يارب ارحم مصر

 

يا رب

ويارب أنت أعلم بالنوايا .. أنصف المظلومين .. واهد الظالمين .. واحفظ شعبنا ووحد صفوفهم .

آمــــين