تأملات (5) .........بقلم: احلام الجندى
يقول الحق سبحانه " فدكر بالقرآن من يخاف وعيد "
كل ما فى الكون يدل على وجود خالق صانع حكيم عليم رحيم خلق كل شئ بقدر
وسير الكون وفق قواعد وقوانين ثابتة لا تتغير ولا تتبدل وبعد ان خلق الحق
الكون بمقومات بقائه الى اجل يعلمه خلق الانسان - ومن قبله الجان وربما خلق
من جنس الجن والانس عوالم اخرى لا يعلم عددها وصفاتها وزمن وجودها وبقائها
الا الله ، لم يعلمنا بها بشكل مباشر وان كان اعلمنا بها بشكل مجمل فى اول
آية من القرآن الكريم فى قوله " الحمد لله رب العالمين " فالعالمين جمع
عالم وان كان العلماء اسقطوها على العوالم المعلومة من المخلوقات المختلفة -
وزوده بالعقل والهمه رشده وعلمه الاسماء كلها واعطاه ادوات الفكر والتفكر
وفتح امامه كونه يسبح فيه بخياله ويتفكر فى خلق السماوات والارض واختلاف
الليل والنهار والحكم والعبر فى كل ما يقع فى علمه وانتباهه وان اقتضت
حكمته الا يكشف جميع اسراره لجميع خلقه دفعة واحدة ولكن فى تتابع حتى تتجدد
دوافع وادلة الايمان بما يتناسب مع تطور العقل والفكر فيظل الله عظيما
يستحق ان يعبد وان تتبع اوامره ، كما ارسل رسله بالكتب السماوية التى تبين
كيف تكون العلاقة الصحيحة بالكون والفهم الحقيقى لله والتشرف بالعبودية له
وختمها بالقرآن وتوكل بحفظه لانه بين ان لا كتاب بعده وحتى يظل حجة على
جميع البشر لا يستطيع مخلوق ان يغير فيه حركة والا استنكرت سماعه جميع
الآذان كما انه لم يترك شئ فى الوجود الا واشار الى علمه فى القرآن مصداقا
لقوله " ما فرطنا فى الكتاب من شئ " فكلما سهونا او شططنا او اضلنا الضالين
عدنا للأنس بكلام ربنا والاطمئنان بحكمه وحكمه وعلمه واعجازة واسلمنا
امرنا لله رب العالمين .
ولكن هناك من يشط عن الصراط المستقيم ولا يعتبر بالأدلة والبراهين فيستثقل
التكاليف والاوامر والنواهى لأنه لم يعرف خالقه ولم يعظم قدره ويريد ان
يتبع نفسه هواها فلا يكتفى بانكار وجوده بل ربما خاض فيه واتهمه بما لا
يتهم به مخلوق من نقص وارهاب وتسلط وقهر ويظن ان هذه الصفات تتعلق بالخالق
بينما هى صفات تتعلق بظلم وانحراف خٌلق وتفكير المخلوق فهو يرى ربه ارهابى
لأنه يحذره بالثواب والعقاب رغم انه قبل ان يحذره ارسل له رسلا كثيرة
لانقاذه فقد اعطاه عقلا وفكرا واحاطه بأدلة وجوده وقدرته فى ذاته وفى ما
يحيط به فى كل ذرة فى كونه الفسيح كما ارسل له الرسل واخلفهم بالانبياء
والعلماء واخبره انه لن يعذبه اذا افتقد كل هذا مصداقا لقوله " وما كنا
معذبين حتى نبعث رسولا "
لكن اصحاب الأهواء لا يستجيبون الا لما يشبع شهواتهم ويحللهم من الانتظام
فى صفوف المتوكلين الطائعين ويظنون ذلك عبودية تخالف الحرية ، ولا ندرى هل
يعتبرون الله شبيها بهم او مماثلا لهم فيتكبرون عن الخضوع له والانطياع
لأوامره، و ان كانوا يظنونه كذلك فهنا تكون عقدة المرض فإذا ايقنوا قدرة
الله وكمال الله وعظمة الله ما خالفوا له امرا ولوجدا قيمة الحرية فى ظل
التذلل له فما الحرية التى يدعونها الى عبودية حمقاء لنفس امارة بالسوء
فإذا فطنوا تحرروا من العبودية للحقير الفانى الذى قال الله فيه " ان النفس
لأمارة بالسوء " الى عبودية الكبير الباقى الذى خلق كل شئ بقدر وهو على
جمعنا على طاعته اذا يشاء قدير، ولكنها الحرية التى يطلبوها فهى لهم وليجنى
كل نتاج حريته ثوابا او عقابا .
اللهم الهمنا وابناءنا رشدنا وفقهنا فى الدين وعلمنا التأويل وارزقنا لذة الاستمتاع بالعبودية لك والخضوع لعظمتك .
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
احلام الجندى
فجر الاحد
25/12/2011