الموافقة أخيرا علي رحلة صيفية تمتد لأسبوع يُعَدّ الإنتصار الأكبر وتحقيق لحلم عظيم عند أطفال أربعة أكبرهم كان في الرابعة عشر من عُمرِه ، أثناء قيامهم بمحاولات مُلِحّة في اقناع والدهم بتكرار الرحلة السنوية الي السويس ، وفي ابلغ المقاصد عند الأطفال كان الهدف هو الترفيه فقط ، فيما كان للوالد أهدافا أُخري أكثر عمقا ، منها تثقيف الصِّبْية جغرافيا بالقُري والمُدن وأسماء كل بلد يمر به القطار علي خطوط السكك الحديد التي كانت وحدها من أكثر اركان برنامج الرحلة متعة وقتذاك ،
وبالرغم من الإزدحام وكثافة السير الا أن السعادة كانت تتشرّف بملئ وجوه الأطفال عندما يسجلّون في دفتر كل منهم إسم البلدان التي يمر بها القطار ، وحينما يشرع القطار في البُطء لقرب المحطة القادمة تظهر المنافسة الحقيقية بين الأبناء لقراءة هوية البلدة وتسجيلها كُلٍ قبل الآخر ، ولو فاتت اللوحة اثناء دخول المحطة اذ يشعر الصغير بالضيق فيسارع الوالد بحَثّه علي ان هناك دائما فرصة لِما فاته ، وينصحه بالتراجع للعربة الخلفية حتي يصل الي المراد ، وينجح في المحاولة مرارا حتي وصول الرحلة بمأمن الي وجهتها ،
ومن أهم مكاسب الرحلة كانت أثناء النزهة ، حينما يستطيع المُلقِي أن يغرس فيك حب الوطن اثناء تلطّفه في الحديث بقَصِّه قَطْرة من غيث عن حروب أكتوبر وبسالة أبناء السويس في مجابهة عدوان ظنّوا واهمين مقدرتهم علي تخطّي مدينة مواطنيها عُزّل !! ، ويستطرد مؤكدا بالقول أن أبناء المدينة ردعوا كل جبان حاول التطاول علي حفنة من رمال الأوطان ، الي ان اصبح اهلها رموزا لمقاومة البُغاه ،
وعلي شاطيء القناة يرفع الأب بساعديه احد ابنائه رابتا علي دبابة كانت من خسائر العدو في القتال حتي ابهج ممتطيها وكأنه من المشاركين في هزيمة الصهيونية ،،
الحقيقة .... ضاربا بشهادتي المجروحة في حق والدي عرض الحائط أقول : أن طريقة إلقائه الممزوجة بحُسن السرد وطيب المقصد يجعلك أكثر ظمأً للتتمة ، وندما علي لحظة من العمر فاتت لم أُصغي إليه في كل أحاديثه ، فخرا كان بالتفصيلات الدقيقة ، وشغوفا علي ابنائه ، وقائدا ... ومحسنا ... وكريما ، لكن القدر لم يسعفنا لننهل منه مزيدا ،
رحم الله ابي وغفر له ، ولآبائكم ، ورحم المسلمين أجمعين .
30 ديسمبر 2016