إنتبهوا ..يا
أئمة المساجد ..بقلم:احلام الجندى




غالبا ما
يعود زوجى قبلى من صلاة الفجر فى المسجد البعيد شيئا ما عن البيت، بينما أعود أنا بعده رغم ان المسجد الذى أصلى فيه ملاصق
للبيت، ودائما ما
ينبه علىّ زوجى بعدم الإطالة فى
الصلاة حيث أنى التى أؤم السيدات بالمسجد وأعده دائما
بالتقصير بالقدر الذى لا يخل بشروط صحة الصلاة ، وكثيرا ما كنت اتناقش معه بسبب تأخرنا عنهم ، حيث انى قد صليت معه فترة
فى المسجد الذى
يصلى فيه – وذلك إبان منعى
أمنيبا من الصلاة بمسجدى خلال فترة الدعاية لانتخابات مجلس
الشعب المصرى الماضية ، ظنا منهم أنى أدعم مرشح الإخوان ضد مرشح الحزب
الوطن، مع العلم بأنى لا أتبع الإخوان أو الوطنى فأنا مسلمة مصرية لا أؤمن
بالتعددية الحزبية أو الجماعية التى لم يدعوا اليها دين مصداقا لقول
الحق " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " وقوله " وكونوا عباد الله إخوانا " أى متحابين غير مختلفين ولا
متشاحنين ولا متحاربين ولا
متفرقين ولكن"و أمرهم شورى
بينهم " ، كما انى لم يكن لدى أى نشاط خاص بالإنتخابات لا
داخل المسجد ولا خارجة – ولم تعجبنى كيفية الصلاة بهذا المسجد ، حيث
يتخلف الإمام الراتب المعين من قبل الأوقاف عن صلاة الفجر- حيث لا مرور
للمفتشين والمراقبين ، فهو يعتبر عمله وظيفة وليس عبادة أو أمانة- لذا يقدم المصلين من يصلى بهم ليس بناء على أحقية الإمامة وما يجب ان يتوفر فيها من شروط ولكن بناء على تعظيم ذو منصب ، أو
سن مسن ، أو استحسان صوت، حتى لو لم يكن فقيها لواجبات
الصلاة أو مجودا للتلاوة ، وذات
يوم زاد وعيد زوجى واعتراضه على
دخولى خلفه وليس قبله ، فما كان منى الا ان بحت بصراحة عدم
رضاى عن اداء الصلاة فى مسجده فسألته هل تصلون حقا ؟ هل تتوفر فى
صلاتكم السكينة والإطمئنان والخشوع والخضوع وتتمون تلاوتها وهيئاتها ، ان
صلاتكم لأشبه بصلاة المسىء صلاته التى أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يعيد صلاته ثلاث مرات ثم قال له علمنى ، فأنتم لا تقرأون الا بقصار
السور دائما وهذا يخالف الفقه، كما أنكم لا تحسنون القنوت اذا قنتم وفقا لقواعد الدعاء المأثورة من حمد وثناء وصلاة
على النبى صلى الله
عليه وسلم والدعاء بالمأثور أو وفقا
للإبتلاءات وما تتطلبه الظروف من دعاء ،
فهل قرأتم القرآن وبالأخص
القراءة المطولة فى صلاة الفجر على أنه رسالة من الله اليكم حتى تقيموها أفعالا
وسلوكا فى سائر نهاركم ؟
وهل حددتم فى ابتهالكم ودعائكم
أهدافكم وعاهدتم ربكم على الإلتزام بكل ما دعيتم وهدفتم؟ وهل
استحضرتم الإستعانة بالله فى التوفيق لحسن الأداء ووفق ما يوافق
شريعته ؟
وهل سألتموه الأخلاص والإتقان
والحب والألفة والمودة والنفع لجميع خلقه بكل أعمالكم ؟
إن هذا ما يجب ان يتحقق من
الصلاة ، ويقع على عاتق الإمام التنبيه على كل هذه المعانى ،
لذا يجب عليه ان ينبه عند تنظيمه للصفوف والإستعداد للدخول فى الصلاة
بقلوب حاضرة بقوله : سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام
الصلاة ، وقوله: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ، وقوله
لا يسرق أحدكم من صلاته ،
وقوله أكثروا من الدعاء فى
السجود فإن أقرب ما يكون العبد الى ربه وهو ساجد ،
وقوله ادعوا الله وانتم موقنون بالإجابة ، وقوله صلوا صلاة مودع ،وكيف يدعوا الى كل هذا من لا يفقهه ، وكيف يدعوا اليه من يتخذ
الإمامة وظيفة ومصدر رزق ، لذا وصى العلماء ان يفضل
المتطوعين اصحاب العلم والإيمان و
الإخلاص على أصحاب الرواتب
للإمامة والإذان والدعوة .
فما هى مواصفات الإمام الذى
يمكن ان يطبق كل هذا بعلم ، نستدل على هذه المواصفات من
حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن ابن مسعود الأنصارى رضى الله عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله ، فإن كانوا فى القراءة سواء فأعلمهم بالسنة
، فإن كانوا فى
السنة سواء فأكبرهم سنا ، ولا
يؤم الرجل الرجل فى سلطانه ، ولا يجلس على تكرمته فى بيته
حتى يأذن له "رواه مسلم
وقد بين العلماء أن الأكثر فقها
ما دامت قراءته مضبوطه يقدم على الأقرأ ، فقد قدم رسول
الله صلى الله عليه وسلم أبى بكر على أبى ، رغم ان أبى أقرأ منه ، قال صلى
الله عليه وسلم أقرأكم أبى ، فإذا تساووا فى الفقه والقراءة فأقدمهم هجرة ،
ولنأخذ الهجرة هنا على معنى المهاجر من هجر ما نهى الله عنه ،
فمن عرف بصلاحه والتزامه وتقواه مع قراءته وفقهه وسنه يقدم على من يلاحظ عليه تقصيرا ممن يتساو معه.
مع الخروج على بعض هذه الشروط
إذا اجتمع إمام مع آخر فى مسجده الراتب فيقدم إمام المسجد وان كان أقل ، إلا إذا قدم إمام المسجد صاحبه
." فلا يؤم
الرجل الرجل فى سلطانه الا
بإذنه " الا إذا كان الإمام الأكبر فهو أولى بالإمامة لأنه
صاحب الدار و الكل موكل منه .
وفوق كل هذه الشروط يجب الا يؤم
الإمام قوما غير راضين عنه مهما توفرت فيه الشروط ،
مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤم قوما إلا بإذنهم ، ولا يخص نفسه
بدعوة دونهم فإن فعل
فقد خانهم " هذا اذا كان
هناك تخيير أما اذا كان مرتبا من قبل النظام العام فيجب الا يتقدم
عليه أحد الا بإذنه .
هذا بالنسبة لشروط الإمامة ،
أما بالنسبة لشروط التلاوة
من حيث السور التى يستحب القراءة بها فى كل صلاة أو قدر التلاوة أو النسبة
بين التلاوة فى كل
ركعة أو صلاة ، فعن ابن القيم
قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الفجر
بنحو ستين الى مائة آية ، وصلاها ب (ق) وصلاها ب (الروم )وصلاها ب( إذا
الشمس كورت ) وصلاها ب ( إذا زلزلت ) فى الركعتين كلتيهما ، وصلاها ب
(المعوذتين ) فى السفر.
وقال : كان صلى الله عليه وسلم
يطيل الركعة الأولى على الثانيسى من صلاة الصبح ومن كل
صلاة ، وربما يطيلها حتى لا يسمع وقع قدم ، وكان يطيل صلاة الصبح أكثر من
سائر الصلوات ،
لماذا كان يطيل رسول الله صلى
الله عليه وسلم قراءة الصبح عن سائر الصلوات ؟
لأن قرآن الفجر مشهود ، يشهده
الله وملائكته ، وقيل يشهده ملائكة الليل والنهار – الى
انقضاء صلاة الصبح – والسبب فى التطويل فى الفجر هو أنها لما نقص عدد
ركعاتها جعل تطويلها عوضا عما نقص من العدد ، وأيضا
فأنها عقب النوم والناس مستريحون، وأيضا فإنهم لم
يأخذوا بعد فى استقبال المعاش
واسباب الدنيا ، وأيضا فإنها فى
وقت تواطأ فيه السمع واللسان والقلب لفراغه ،
وعدم الاشتغال فيه ، فيفهم القرآن ويتدبر، وأيضا فإنها اساس العمل وأوله ، فأعطيت فضلا فى الإهتمام بها وتطويلها ، وهذه أسرار انما يعرفها
من له التفات الى أسرار الشريعة ومقاصدها وحكمها.
ولأننا نحاول جاهدين تطبيق كل
هذا حتى نتم صلاتنا نتأخر عن غيرنا . لذا ننبه على كل من
يتولى أمانة الإمامة ان يراعى الله فى إمامته وأن يراجع باستمرار مهام
الصلاة ووظائفها وأن يخلص النصح لمأموميه وان ييسر لهم أداءها ببيان
أحكامها وأجر إتمامها .


ولنكثر
جميعا من الدعاء الجامع الذى دعا به ابونا إبراهيم عليه السلام لنفسه وولده ونحن من ولده فلنتبع سنة ابينا إبراهيم فى
دعائه " ربى اجعلنى
مقيم الصلاة ومن ذريتى ربنا
وتقبل دعاء ربنا اغفرلى ولوالدىّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب "