الاعتقاد .. والإلتزام .. بقلم : احلام الجندى

جميع العقائد تدعوا الى الوحدانية والمراقبة و الفضيلة ومكارم الاخلاق والمساواة والعدل والحق وحفظ الحقوق والوسطية.

والانحراف عن كل هذا قد يرجع الى تطرف هؤلاء القائمون على تطبيق شرائع الله وترسيخ العقائد فى قلوب اصحابها حتى جعلوا أنفسهم موكلين عن الله فى الارض وليتهم امروا بما اراد الله لصالح خلق الله ولكنهم خالفوا امره ولووا النصوص لتنصب على طاعتهم وعدم الخروج عليهم حتى لو جعلوا جميع الخلق قطعان تساق يجب الا ترى وألا تسمع وألا تفكر وألا تتكلم تحت ذريعة الطاعة لله رغم مخالفتهم هم لهذه الطاعة ، كما قام بذلك القساوسة فى الكنيسة الغربية فى العصور الوسطى التى جعلوها.تمثل الملوك ضد الشعب، والإقطاع ضد الفلاحين، والجمود ضد التحرر، والخرافة ضد العلم، وانتشار محاكم التفتيش التى كانت تنكل وتعذب وتقتل كل صاحب فكرمستنير ، فكره الناس الدين ورجاله وكنيسته، وفصلوه عن الدولة وعن الحياة، وقد وجدوا فى نصوص دينهم نفسه ما يشجعهم على هذا المنهج، حيث قول المسيح: «دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله»لذا خرجوا على الدين وكل ما يمس له بصلة واعتبروا الدين افيون الشعوب الذى يخدرهم عن الانطلاق الى الحضارة والتقدم ودعوا الى العلمانية التى تبيح للانسان ان يفعل ما يشاء وقتما يشاء كيفما يشاء دونما التزام بشريعة او حكم الهى

وقد يكون حدث مثل هذا من بعض علماء المسلمين الذين قدموا طاعة الحاكم على طاعة الله وباعوا دنياهم بآخرتهم وافتوا بما يوجب القهر على المسلمين وعدم الخروج على الحاكم مهما استشرى فساده رغم ان الدين لا يوجب الطاعة لحاكم لا يطيع الله فى الناس .

كل ما سبق جعل الكثير يتحللون من عقائدهم ودينهم ويفقدون الثقة فى كثير ممن يدعون تبليغ العلم عن الله وخصوصا من كان منهم متشددا لا يفهم من الدين الا ظاهره ولا يملك ادوات الفتوى وفهم الواقع ومخاطبة الناس على قدر عقولهم كما امر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تنضج ملكاتهم وتتسع مداركهم وتتعالى درجات السمو الروحى والوصول الى ورع الصالحين السابقين لديهم .

مما دعا شبابنا بصفة خاصة من اصحاب الطموح والانطلاق وممن اطلع على ثقافة الغرب وظن ان تحرره من الدين هو سبب انطلاقه لذا اقتفى نفس اثرهم وطالب بنهج نفس سبيلهم يستدلون بآرائهم ويعجبون بانجازاتهم ويفقدون الثقة فى تاريخهم وثقافتهم ودينهم وقدراتهم ويدعون الى اعتقاد العلمانية مذهبا حياتيا مثلهم .

ومما سبق عرضه نرى ان الخطأ فى الفكر والاعتقاد وسوء التقدير كان الحكام والعلماء الفاسدين سببا فيه ، وفى تلك المرحلة من التحول فى العالم الاسلامى يجب ان ينهض العلماء المعتدلين اصحاب الفكر الوسطى ، الذين يملكون ادوات الاقناع لاحتواء هؤلاء الشباب وتبصيرهم بأنه لا تعارض بين الدين والتحضر وحرية التعبير والانطلاق بلا حدود فى كل ميادين العلم والتكنولوجيا ما دامت لا تنتهك حقا ولا تعصى ربا واعتناق العلمية التى هى منهج وروح واتجاه، و فلسفة وتطبيق، وهى من ثمرات المنهج الإسلامى، وهى التى تثمر التكنولوجيا، وحسن الإدارة، وقوة التنظيم وليست العلمانية مذهبا .

وان يعيدوا للشباب المسلم ثقته بنفسه وتاريخه المشرق الذى انار العالم وفتح له طريق الانطلاق وتميزه على البشر بمشروعه الاخلاقى الذى يفتقده العالم اجمع بعد ان وصل الى التمكن من كل ادوات العلم والتى كان علماء المسلمين انفسهم سببا فى امتلاكها فبالاحصائيات اكثر من ثلث علماء الغرب مسلمين وعرب فهل سيسعى علماؤنا الى ذلك ويصححوا عقيدة وفكر شبابنا حتى يقف فى عزة وشموخ ويقول ها أنا ذا .

اللهم ولى امورنا خيارنا ولا تولى امورنا شرارنا ، واهدى علماءنا الى حسن توجيه ابنائنا وفق منهج وسطى لا إفراط فيه ولا تفريط .

وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
احلام الجندى
فجر الجمعة
7/10/2011