صفات القضاة .. بين الأمس واليوم .. بقلم : احلام الجندى .

قالوا عن القاضى الحق أنه الذي لم يسأل القضاء ، ولا يستعين عليه بالشفعاء ، ولديه من العلم بكتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يعرف به الحق من الباطل ، بعد حيازه علم يمكنه من الاجتهاد .

ومن كان على غير ذلك فقد أوقع نفسه في مضيق ، وباع آخرته بدنياه ،و تسلق للقضاء وهو جاهل بالشريعة المطهرة ، قاصرعن رتبة الاجتهاد ، لا حامل له على تولي القضاء إلا حب المال والشرف أو أحدهما ،وما دفعه الى ذلك إلا حب الدنيا والركون إليها ، وحب الظهور والشهرة ، وتحقيق الرغبات ، وتلبية الطلبات ، ولو اقتضى ذلك شراءه بالمال ، حتى عمت البلوى .
ولما كان التبليغ عن الله سبحانه يعتمد العلم بما يبلغ ، والصدق فيه ، لم تصلح هذه المرتبة العظيمة ، والمكانة الجسيمة ، إلا لمن اتصف بالعلم والصدق ، فيكون عالماً بما يبلغ ، صادقاً فيما يخبر ، ويكون حسن الطريقة ، مرضي السيرة ، عدلاً في أقواله وأفعاله ، متشابه السر والعلانية في مدخله ومخرجه وأحواله ، لا يراعي إنساناً لمكانته ، ولا أحد لقرابته ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " [ متفق عليه ] .

ومن صفات القاضي أيضا أن يكون ذا عبادة مشهور بذلك ، لا يتخلف عن صلاته ، لا يتأخر عن جماعته ، ومما ينبغي أن يشتهر به أن يساعد الملهوف ، ويعين ذا الحاجة ، على قدر طاقته واستطاعته .
لا يقبل شفاعة في حد من حدود الله عز وجل إذا وصل إليه ، قال صلى الله عليه وسلم : " أتشفع في حد من حدود الله " [ متفق عليه ] .

ومما يُراد من القاضي أن يستقبل الناس ، ويعظهم ويعلمهم العلم الشرعي ، سواءً في مسجد حيه ، أو في بيته ، يلاطف الناس ، يبتسم في وجوههم ، يعاملهم معاملة حسنة ، لأنه قدوة طيبة ، وأسوة حسنة ، يفتح بابه لأهل الحاجات ، لأن القاضي يشفع للمساكين ، ويتوسط للمحتاجين من الأرامل واليتامى ، فهو محل ثقة الجميع في بلده وغير بلده ، لأنه يحكم بشرع الله تعالى ، قال عمرو بن مرة لمعاوية : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من إمام يغلق بابه دون حاجة ذوي الحاجة والخلة والمسكنة ، إلا أغلق الله أبواب السماء دون حاجته وخلته ومسكنته "
هذه مجمل الصفات التى أقروا لزوم توافرها فى القاضى قديما فهل تتوافر لدى القاضى حديثا .

ألم يتخرج القضاة من كليات الحقوق التى يتوجهون اليها قصرا لضعف المجموع وبذلك نستطيع ان نعرف مستواه العلمى واستعداده النفسى الا من كان داخلا برغبته وقليل ما هم ، وبعد التخرج لا بد ان تكون هناك وساطات ومحايلات حتى يصل الى هذا المنصب ، وبذلك لا ضير ان نجد بعض القضاة يوشك على الخروج على المعاش ولا يكاد يحفظ آية من كتاب الله اويتقن إعراب كلمة ، وهو الحاكم باسم الله يرفع المنصوب وينصب المرفوع وبهذا يخرج اللغة من مضمونها والألفاظ من معانيها ويجعل الفاعل مفعولا والقاتل مقتولا .
ثم بعد ذلك نجد الشراسة فى الذود عن الذات من بعضهم وعدم الدفع بالتى هى أحسن عندما نرى رئيس القضاه يقابل السيئ بما هو أسوأ إذا كان هناك سيئا حقا ويستشهد بآيات أولى ان توجه اليه من أن يوجهها الى غيره " وإذا قيل له اتقى أخذته العزة بالإثم " فترى العنجهية فى الاسلوب والتعالى فى الحوار والمن بالواجب ، والتهديد بالتقصير وضياع الحقوق .

حقا لقد أذهلنا اسلوب وطريقة رئيس نادى القضاة وحشده للفضائيات التى لم نلحظ منها قنوات محايدة وكأنه كان يعد مؤامرة انتخابية لصالح النظام البائد دل عليها مواجهته الفجة للمجلس وأعضائه ومرشحه للرئاسة وإطلاقه للتهديد والوعيد ، بعدم تنفيذ اى قوانين يستصدرها وإن كان اطلق التهديد أولا ثم عدل عن رأيه عندما نبه وقصره على ما يخص القوانين الخاصة بالتعديلات الدستورية القضائية آخرا ، والتى بين رئيس اللجنة التشريعية لمجلس الشعب ان اللجنة لم تعد اى من هذه القوانين وإنما هى قوانين رفعها القضاة الشرفاء انفسهم الذين يقدمون مصلحة الوطن على مصالحهم الخاصة ونزاهة القضاء على أهوائهم الشخصية وما دور اللجنة الا رفعها وتقديمها لأنه لا بد ان تقدم بواسطة نائب .

ومما برر لنا هذا الكم من الحنق والحمل والتحامل ما بينه أحد القضاة من ان هذا الرئيس من الموالين للنظام البائد ودل على ذلك معاداته للثورة واستهانته بالمتظاهرين ووتصريحة بعدم الاكتراس بهم كما يصرح بذلك الرئيس الذى يؤيده .
وبعد هذا يعترض على هتاف الرافضين للحكم الجائر – وان كنا لا نلوم على القاضى نظرا لعدم وجود أدلة يستند اليها بعد اخفاء المتورطين فيها لها – بتطهير القضاء ثم يهدد بأنه سوف يبين الأدلة وكأنه يهدد بأنه سيقلب الدفة على المظلومين ويجعلهم اصحاب الأدلة المذنبين ، وهنا نقول يعنى بإمكانك استخراج الأدلة فما الذى منعك من اخراجها ولماذا قُبلت قضية ليس لها أدلة وحٌكم فيها وأهدر حق الشهداء والمصابين .

ثم أن عمل هذا المؤتمر الصحفى الذى اجمع الجميع على انه مؤتمر لإثارة الفتنة وتشتيت للأمة وضربة إعلامية انتخابية لأحد المرشحين ودعم ودعاية وتأييد وإعلان لمرشح آخر وفى هذا التوقيت قبيل انتخابات الإعادة بعشرة أيام لدليل على ان هناك مؤامرة تدبر ليل نهار للثورة وبتضافر جهات متعددة منها اذناب النظام البائد واعضاء حزبه المنحل واصحاب المصالح والمتضررين من أصحاب رؤوس الأموال ورجال الأعمال وغيرهم ممن لا نتمنى ذكر اسمهم وان يكونوا حقا عونا للثورة وللأمة .
قبل ان انصرف لا اقصد بمقالى هذا إساءة الى اى قاضى يعى مهمته ويرتقى بعلمه ويتمكن من أدواته ويتقى الله ويدرك شرف المكان والمكانة التى وضعه الله فيها ، لا يتعالى ولا يتكبر ولا تأخذه العزة بالاثم .

حفظ الله مصر وقضاتها الشرفاء وهيئتها القضائية ومجالسها المنتخبة وثورتها وأبناءها الشرفاء من كيد الكائدين وظلم الظالمين ورد كيد كل كائد فى نحره ، وولى علينا خيارنا وابعد عنا شرارنا فهو ولى ذلك والقادر عليه و حسبنا الله ونعم الوكيل آمين .
احلام الجندى
7/6/2012