ا تمنعوا عنا القطر .. أيها القضاة ...؟ بقلم : احلام الجندى
حضر ذو القرنين ذلك الملك المؤمن الذى جاب الارض شرقا وغربا شمالا وجنوبا ومكن الله له واعطاه كل ما يتمناه ملك من اسباب العزة والعدل والقوة والعلم والقبول والرهبة وكمال العقل وحسن التخطيط مصداقا لقول الحق سبحانه " ويسئلونك عن ذى القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا انا مكنا له فى الأرض وآتيناه من كل شئ سببا فأتبع سببا " والذى محاكمة قضائية فى أحد البلاد التى دخلها فتعجب لها حيث جاء رجل بمال ووضعه بين يدى القاضى وقاضى رجلا قد اشترى منه دارا ووجد هذا المال فيها فذهب اليه ليعطيه ماله فرفض أخذه وقال له لقد بعت لك الدار وما وجدت فيها يكون ملك لك وليس لى – انظروا يا سادة يتبرأ من المال كأنه قتيل لا يريد ان يتهم بقتله وليس فرصة يجب اقتناصها ، لأنهم اناس تمكن الايمان من قلوبهم بصلاح وايمان وعدل حكامهم لأن الناس على دين ملوكهم فساد العدل بينهم وأيقنوا ان مال الدنيا لن يجدى نفعا بين يدى الله فحفظوا لكل ذى حق حقه – فاعترض المشترى قائلا :
لقد اشتريت الدار ولم اشترط بأن كل ما فيها يكون ملك لى وبذلك يكون المال مالك ،
فقال البائع :
ولكنى بعت لك الدار وفى نيتى انه لم يعد لى شئ فيها .
فكيف حل القاضى هذه المعضلة؟
سـأل احدهما : هل عندك ولد ؟
قال : نعم
وسأل الآخر: هل عندك بنت؟
قال: نعم
فقال زوج ابنتك لابنه واعطهما المال ليستعينا به على حياتهما ، فتعجب ذو القرنين من هذه القضية وهذا الحكم وأخبر بأنه لم يرى مثل ذلك فى أى بلد دخله فاستعجب القاضى وقال : وهل يمطرون ؟
ومن هنا نرى ان القاضى فطن ان العدل اساس الرزق وان الظلم يمنع القطر الذى هو اساس الزرع والانتاج والاقتصاد والعيش والعزة والكرامة .
ولأن النفس البشرية متقلبه واعدى اعداء الانسان تستجيب لوساوس الشيطان وتتبع الهوى وتأمر صاحبها بالسوء ولا تأبه للعواقب، لذا يجب علي كل عاقل مخالفتها وعدم الخنوع لإصرارها على ما يخالف شرع الله ، ولأن الايمان يقل بنقص العلم وعدم التذكير والجهل لذا قال الحق سبحانه "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين " لذا وجب الحفاظ على اللغة وقواعدها وايحاءاتها الساحرة التى تنفذ الى خفايا القلوب ومكمن العقول لتمنع صاحبها من مخالفة الحق والجد فى العمل والسعى للارتقاء والقوة فالمؤمن القوى خير واحب الى الله من المؤمن الضعيف ، لذا حرص العوام قبل العلماء على الحفاظ على لغتهم وعدم قبول تحريف حركة فيها لأنهم يعون أنها ليست دليل هويتهم فقط ولكنهم يوقنون ان اللحن فى اللغة يحرف المعانى والدلالات بما قد يؤدى الى فساد الاعتقاد وضياع الحقوق لذا رأينا اعرابيا عندما دخل سوقا ووجد الناس يلحنون ويغيرون فى حركاتها – تشكيلها - حتى انهم ليجعلون الفاعل مفعولا فيسير المعبود عابدا وهذا كفر فاستعجب الأعرابى لهذا اللحن معلقا : وهل يرزقون؟
ومما سبق نرى ان الكلمة جند من جنود الله تشكل العقول وتنور القلوب وتدل على الحق وتهدى الى الرشاد وتنير المسار وتحث على العلو وتعرف الانسان برسالته فإذا عرف دوره عرف ربه فإذا عرف ربه اطاعه وحفظ حقوق خلقه واعتبر بنواميس كونه ، فيرضى الله عنه ويرضى عن الله فيسخر الله له الكون ويفتح له خزائن علمه ومعرفته فيملك الدنيا ويحل الغازها ويفسر اسرارها ويطوعها كيفما شاء لكن لا تملكه الدنيا لذا لن يكون هناك تنافس الا على الخير ،ولن تحجب عنه نعمة ، ولنا فى تاريخ الامم عبر وما قصة ذى القرنين الا مثالا منها .
هذه أمثلة لعدل القضاة ودور اللغة و دلالتها وروحانياتها فى التأثير فى القلوب والنفوس وبيان الحق ودفع الظلم الى درجة استعظام الفاهم لها ان يرزق من يلحن فكيف بنا و قد أصبح هناك من قضاتنا من لا يجيد قراءة آية أو يحسن تخريج حرف او يتذوق اختلال المعنى باختلال الإعراب .
وللأسف لقد اتت مخططات اعدائنا ثمارها من خلال تغريب اللغة ومحاربتها ووصم اهل الفصاحة والبيان بالتخلف وعدم مواكبة العصر ولغته ، ورفع كل متمكن من لسان غير لسانه وتقديمه على غير حتى أن بعض هؤلاء القضاة قد يجيدون اللغة الفرنسية التى هى لغة القانون الذى يحكمون به وغيرها اكثر من لغتهم .
فليهب الجميع من الغيورين على أوطانهم وانتمائهم ودينهم ولغتهم وليزودوا عنها وليدعوا الى العناية بها والعمل على تقديمها على أى لغة ورفع درجات النجاح فيها بالمدارس ، وينادوا بأن تكون من أهم لغات الدنيا المتداولة .
اللهم ولى امورنا خيارنا ولا تولى امورنا شرارنا ، وعلمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما ، وأتنا حجتنا وارفع درجتنا ومكن لنا ولا تمكن منا ولا علينا ، وملكنا الدنيا ولا تملكنا للدنيا ، واصلحنا واصلح بنا واجرى الخير على ايدينا ،واجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر ، واجعلنا مباركين اينما كنا.
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
احلام الجندى
فجر الأحد
5/2/2012
إعادة النشر والتعليق
الجمعة
8/6/2012